الأربعاء، 17 فبراير 2010

بســام ^ ورحلة الكَري


~ بسام ~
ذلك الشاب الطيب وربما بالغت في وصفه شاباً وهو قد تجاوز في عمره الاربعين لكني وصفت قلبه عل وعسي أن لا أظلمه .. !!
أن فكرت أن أكتب عن كل لحظاتي معه فإن هذا سيرهقني كثيرا
وسيخرج من صدري نفتاثُ نيران لا أنفكُ أخمدها لتشتعل من جديد
وستقتلني فكرة عدم التآلف من الأشياء وعدم إستمراريتها معي طويلاً
لا أريد دخول دوامة الأمس فما أشبه اليوم بالبارحة ..
مع همهماتٍ متلاحقة ثمة أقصوصةٍ عنيدة هنا كعُند الذبابة عندما تحاول مناطحة زجاج النافدة للدخول الي غرفتي .!
ذبابة حمقاء كما البشر ممن يحاولون مقايضة ما يألفون أو ما لديهم ..بما يجهلون أو لا يملكون على مبدأ كلّ ممنوع مرغوب ..حتّى لو خسروا جرّاء هذا ..حياتهم.
كنتُ مرغوبة رغم أنه لا يعنيني هذه الأمر فلا يهمني إي شاب يناظرني , بل أكــره من يقع في حبي وأكره ضعفهم أمامي , أكره حاجتهم إلي ، فأنا قويّة كما أنا لا أحتاج أحداً
أحبني وتركت له المجال .!
أقترب أكثر فأكثر محاولاً وضع سيف القرابة فوق رأسي حاملاً الحب الرجولي كما يعتقد البعض وهو في نفس الوقت ذو ملامح ذكورية لا تشبه الرجولة في شئ إلا في كومة شعيرات تعتلي رأسه ولحيته وبعضاً وحتي أقل القليل من غلظةٍ في الصوت تغلف صوته فقط .!
وفي لحظاتٍ تعثرت فيها خطواتي وعلي غير هديً أخذتني إليه
حسم قلبي الجدال واقتربت ، لم أجرؤ على النظر في عينيه مطلقاً فكان كالشبح يراودني ما بين جدران مكة وجدة ،
وكنت دوماً أوزع نظراتي بعيداً عنه ،فثمة متضادان يجتمعان في عينه في نفس الوقت طمأنينة وخوف أمْسكتْ بقلبي بين يداي المتجمرتان رغم وجود المكيف الهوائي ، لكنها حرارةُ عاطفٍة بدأت تسري كالكهرباء ، رجفةٌ احتلّت أوصالي ، وصلتْ إلى أعماقي بذاتِ السكون الذي أتصنّعه .
أستعجب والله ويكاد ان يمسنـــي شيئاً من الجنون !

حينما أتذكر صعوبة الموقف الذي مررت به أتذكر تماما أنني كنت أشعر حينها انني لم أخرج من بلدتي إلا ليتجسد الموقف لي للمرة الثانية بنفس الطريقة ونفس الأحداث
قبل أشهــر كان خليل والأن بســـام ولا شك بوجود فرق بين الشخصيتين
لكن تأتيني ذِكراه كلّ ذاتِ حالة كهذه.
ولولا رحمة الله بحالتي لكررت الوقوع في نفس الحفرة للمرة الثانية بإرادتي الهزيلة
بيقولوا عمر الأسي ما بينتسي ..
\
/
\

وتابعت سير أقدامي وأفكــاري ما بين عناء سامية وما بين الهروب من البقية
تمنّيت في ال40 يوم التي عشتها خارج سربي أن أشعُر كما يشعر الآخرين ، أن أغضبَ حتّى مثلهم، أن أحزنَ بصوتٍ مرتفع دون أن أنكفئ على داخلي ، أن أبكي على نفسي كما تنزل دمعتي على غيري .حتّى أنّي تمنّيت فعلاً أن أقع في الحبّ ، أن أجيد التحدّث عنه كما يتحدّث عنه الجميع لكني دائما أكتفي بإن في قبي زهرة لن يقطفهـا أحد
ربما تحسدني الكثير من الصديقات علي أني أستطعت الوصول الي مرحلة اللامبالة _
واللا شكوي _ واللا خوف

أشعر بإنفصامٍ قاتل في شخصيتي هذه الأيام كنت أحلم دوماً أن أن أكــون أنا قلمٌ من رصاص وبمحاذاته ممحاة أن كتبتُ شيئاً أزيله بسهولة دون أن أشعر أحد كنت أحلم أن أصبح كويتبة لقصيصة أكتب قصصاً وخواطرً لا يتألم فيها أحدا ولا يموت فيها أحدا ولا يفارق فيها حبيباً حبيبه
كنت أحلم أن لا أركز علي الجانب المظلم في الاشياء
وسكتتُ .! ^
والساكت عن الحلم يا أنا إنسانُ أحمق
\
/
\

سأعود حيث الأسطر الأولي أتهمت وبلا شك بحبه وتحملت ذنب حبه وعدم حبه لهذا تمنيت
لو إني كنت أحبُ حينها شخصاً ما وبكل وقاحةٍ كان يتوجه لي الاتهام بإنني أحبه وأنا أردد

لا ليس حبّاً ، من يعتقد بإمكانيّة الوقوع في الحبّ من النظرة الأولى ، غبيّ . القبولُ هو صنو الخطوة الأولى ، و الاعتقادُ بإمكانيّة الحبّ . الحبّ أكبر من مجرّد نظرة.

لكنني ما زلت متهمة في هذا .! والمتهم مدان حتي تثبت براءته فما كان مني إلا أن أكون مطيعةً حتي في أتهام الآخرين لي فقط أستدير برأسي إلي الأسفل لعلها علاماتُ الإستـسلام أو ربما اللاشــئ أو ربما اللا معني
أو ربما اللا قــوة أو ربما الربمات كُلها

قصة بسـام
^
^
لم تكن خطأً أرتكبه الآخرون في حياتي ، فأنا المخطئة هنا ، باستطاعتي أن أختار لوم الظروف ، القدر ، أبي أو الناس من حولي ،وباستطاعتي أيضا مسامحة نفسي على ما حدث لأنّ هذه الحياة تنتمي لي . كان قراري بيدي ، أنا المُلامة الوحيدة.
في عجالة غير متوقعة
أنظرُ إلى ساعتي في يوم الرحيل تتعانقُ عقاربها على الحادية عشرة ليلاً
وليلهم نهاراً للأسف فلم يفصل بيني وبينهم إلا ثمة ساعاتٍ بسيطة لأرحل ويرحل كلُ شئ معي
ودعتهم جميعاً في عجالة ومنهم من أصر علي وداعنا في مطار جدة
عد الساعات البطيئة العشرة المتملمة ، وقفتُ جازمةً على التحدّث معه في المطار كي لا يرتبط بأملٍ ذو تشققٍ نصفي . صفعتني حرارة الأبواق كجزاء لجرأتي ،ولكنني بقيت مصرةً .
\
/
\

أيامي النهائيّة في المملكة، كانت الأيام التي شكّلت حياتي بوجهها الحالي ،القبيح .عشت للأعماق ، حلاوة ترقّب اليوم الآتي ، الاستعداد وتحضير الكلام ، استعدادي الخفيّ غير المقصود ، كما كلّ البشر ، لارتداء الوجه المثالي أمام من نحبّ بحكم القرابة ايها القارئ ليس إلا ،
علّة بشرية مبتذلة ولعبة نمارسها بقناعة الحمقى ،
لم أعاني منه كثيرا، كلماتٌ مثل أرجوك أو اللعب في الوقت الضائع كما يقولون ، تتكرر دائما في هذه اللحظات الحاسمة ، لم أحاول أبداً خداعه ، ولا أدعيت حبّ الشيء إذا لم أحبّه فعلاً ، كنت في قمّة الوضوح ، وكنتُ في قمّة الغباء.أعتقد أنني قسوت عليه بل أكثر ، شُغفت به كقريب كإبن عمه هو كما هو بكلّ ما يكره وجلّ ما يحبّ ،بطريقته البسيطة في التعاطي مع الأشياء ،هو من.فصّل الحُلم واختار ألوانه ، وبدأ بحياكته في الهواء دون أخذ سابق رأئٍ مني إذا فلا ذنب لي بجرحه
ومضيت مسرعة ناحية صالة الانتظار حيث سأسلم جواز سفري لأدخل لصالةٍ لا يسمح له بالدخول فيها
وكأن ماءاً حاراً سقط علي وجهي فضلاً عن حرارة الجو في المطار
يوقظني من فكرتي وحرارتي صوت جوّالي المبحوح ، أنقضّ عليه لأصمته ،لأخرسه وأرميه بعيدا عنّي حينما رأيت رقمه فلم يزال في الصالة ولم يزال هذا الشبح يطاردني
ما الأمر
وألصقت الهاتف بإذني خوفاً وإذا به يشكو مني لإنني علي غير عادة المسافرين لم أنظر للوراء كي ألوح له بإيدي وداعاً.
تنتابني القشعريرة فجأة ، أُحسّ بالبرد الآن تري لإن القلب أصبح دافئً بالرحيل ، لم تعد ركبتاي تقوى على حملي ، استدرت لأسير في الاتجاه الآخر ،
علّني أحظى بمقعد أو مكان مشرع الأبواب ينتظرني لأكون أول المغادرين الي الطائرة
لكن صوت بسام أعادني وهو يقول للضابط اريد فقط ان اعطيها هذا المظروف فيه طعامها
وعدت مسرعةً إليه فإذا هي قطعٌ من الشكولا المفضلة لدي
قال بصوتٍ حنوني الطريق طويلة يا أزل أشتريت لك ماء وقطع من الشكولاتة ستحتاجينهم حتماً وللأسف كان يبكي وهو مكتف الإيدي
وأن كما أنا إلا أنني رفعت أحدي حاجبي عن الآخـر وأومأت أقول ^
سامحك الله لم يكن له إي لزوم ^
\
/
ومضي يجر أذيال الحسرة كخُرقةٍ بالية يطوّحها الهواء الساخن
وأذن لي بالصعود إلي الممر الواصل بين الصالة وممر الطائرة وصعدت الطائرة وجلست في مقعدي وتراخت كل أطرافي وأعتدلت جالسةً علي المقعد الأزرق أجترعت قليلاً من الماء الذي أعطاني إياه بســام وداهمني النعاس وبراحةٍ هذه المرة تشهد عليها تلك الطائرةُ المصرية
استغرقت في النوم فترة طويلة قبل أن أشعر بيد أحمد تهزّني برفق : أزل لقد نسيت البلاستيشن حقي في المطار ..
وأجتمع حينها الغضب والقهر لا لضياع البلاستيشن بلا لإنه أفاقني من نومي المرغوب
وفي لحظة أنانية صلحتها فيما بعد صفعته بقلمٍ علي وجهه الطفولي وبدأت همهمات من حــولي يا حرام

عند هبوط الطائرة وترجّلنا منها في مطار القاهرة ، فوجئنا بالبرد فالمكيفات في كل مكــان ومعاملة المصريين لنا أشد ألماً وقسوةً من ألم المكيفات الذي يدق الأضلع بلا مبالة
9 ساعات متتاليات وأنا جالسةً علي نفس المقعد انتظر السماح لنا للترجل الي معبر رفح ^
أواه كأنها 9 سنوات عجاف أحسست يومها أنني سعيدةً دون سبب ، سعيدٌةً لدرجةِ البكاء فرحاً لغير غرضٍ معلوم فعودتي لغزة كانت بمثابة طريقٍ ذو حذين لا أعلم شيئاً حينها إلا أنني سأصل لطريق بداية النهاية
كعادتي ، أتقبّل الضربات التي تهبط فجأة على رأسي بالصمت الثقيل
وسمح لنا بمكرٍ غير بشري مصرائيلي بالعبور الي معبر رفح
أذكر حينها أننا فتحت حقيبتي وأخرجت منها زجاجة الماء الصافية وغسلتُ بها وجهي المُغبر بجنون
والكل ينظر من حولي وكأنني للمرة الأولي أضع الماء علي وجهي وبدأت ملامح التغيير تظهــر علي وجنتي
وصلت إلي بيتنا وقبلتُ الجميع بقلبٍ مكســور
وبعد وفد المهنئين بالعمــرة .. والأحباب .. والكل مسرور لعودتي بدأت الأخبار تتواتر علي لسان الغريب والقريب بحادث ما حدث بالسعودية
الإشاعات في بلدتنا ، مثل الهواء المحمّل بالروائح ، يشتمّه الجميع ، يشتُمونه ، ثمّ يعيدون إصداره ويا للأسف
لم أفلح في أقناع الناس بشــئ أريده أنا فمخزون الطاعة لهم نفذ ورغم هذا لم أفلح في جمح كباح فطرتي لإن أجتاز خوفي من أفكارهم
الحياةُ بمطلق الحريّة ، أثمنُ من ارتباطٍ بإناس لا يفهمون وأن فهموا لا يرحمون
كلّنا متضررون ،كما يظهر ، كلّ البشر . بعضنا متضرر أكثر من بعض .كأننا نحملُ الأضرار في أعماقنا منذ الطفولة .نُعطي بقدرِ ما نأخذ ، ونُحدث أضرارا أخرى ، في أنفسنا ، في الناس من حولنا في الحياة جمعاء
علني أن أرتــاح يوماً ما من هذه الأشباح

أشهد علي جنوني في هذه القصة وأشهد أن كثيراً من الكلمات رحلت كرحيل الشمس وقت المغيب
وللحديث بقية في شخوصٍ أخري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق